التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
التفضيل بين الخلفاء الراشدين
[ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب اسم> رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر اسم> ثم عمر اسم> . ويُثَلِّثون بعثمان اسم> ويربعون بعلي اسم> رضي الله عنهم؛ كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان اسم> في البيعة.
مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان اسم> وعلي اسم> رضي الله عنهما- بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر اسم> وعمر اسم> - أيهما أفضل؟
فقدَّم قوم عثمان اسم> وسكتوا، وربَّعوا بعلي اسم> وقدَّم قوم عليا اسم> وقوم توقفوا.
لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان اسم> ثم علي اسم> وإن كانت هذه المسألة- مسألة عثمان اسم> وعلي اسم> - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة.
لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء ؛ فهو أضل من حمار أهله].
هذه مسألة التفضيل بين الصحابة رأس> ؛ يعني من أفضل الصحابة رأس> ؟ ومن أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم رأس> ؟
أهل السنة يروون في ذلك آثارا وأحاديث، فقد ثبت عن ابن عمر اسم> رضي الله عنه أنه قال: رسم> كنا نقول والنبي صلى الله عليه وسلم حي: أبو بكر اسم> ثم عمر اسم> ثم عثمان اسم> فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره متن_ح> رسم> بمعنى أنه أقرهم على هذا التفضيل المرتب ؛ فأبو بكر اسم> هو أفضل وأولى وأقدم، ثم عمر اسم> أولى من بعد أبي بكر اسم> ثم عثمان اسم> بعدهما في الفضيلة ثم علي اسم> بعدهم أيضا، هذا هو ترتيبهم في الفضل.
ومن المعلوم أنهم مرتبون هكذا في الخلافة، فالصحابة رضي الله عنهم اختاروا بعد النبي صلى الله عليه وسلم خليفته أبا بكر اسم> رضي الله عنه؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم أنابه في الصلاة عنه لما مرض فقال: رسم> مُروا أبا بكر فليصل بالناس متن_ح> رسم> فكان هو الذي يصلي بهم في حالة غيبته، حتى قبل مرضه؛ فقد كان أبو بكر اسم> رضي الله عنه يصلي بالمسلمين، وقدَّموه لما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو ين عوف اسم> .
فقال الصحابة: رضينا لدنيانا من رضيه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا، فبايعوا أبا بكر اسم> بالخلافة، واجتمعوا على مبايعته كلهم، ورضوا لبيعته بما فيهم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم: علي اسم> وابناه والعباس اسم> وغيرهم، كلهم بايعوا أبا بكر اسم> وذلك لفضله، فاعترفوا بفضله، وبسابقته، وبصحبته القديمة، وإنفاقه ماله كله على النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> ما نفعني مال قط كما نفعني مال أبي بكر متن_ح> رسم> .
مات أبو بكر اسم> واستخلف عليهم عمر اسم> ورضيه لهم، واجتمعت عليه كلمتهم ورضوه، وسار فيهم السيرة الحسنة وصار خليفة المسلمين بعد أبي بكر اسم>
ولما مات عمر اسم> جعل الأمر شورى بين ستة، وهم بقية العشرة إلا أن أبا عبيدة اسم> كان قد مات قبل عمر اسم> وترك من العشرة ابن عمه سعيد بن زيد اسم> فلم يجعله من الستة الذين جعل لهم الأمر، فبقي ستة وهم: عثمان اسم> وعلي اسم> وعبد الرحمن بن عوف اسم> والزبير اسم> وطلحة اسم> وسعد بن أبي وقاص اسم> ؛ جعل الأمر شورى بينهم، فتشاوروا فاتفقت كلمتهـم على بيعة عثمان اسم> فبايعوه.
ولما قتل عثمان اسم> ظلما، اجتمع أهل المدينة اسم> على أن عليا اسم> أفضل من بقي فبايعوه بالخلافة، ولم ينكر عليه خلافته أحد، إلا أن أهل الشام اسم> لم يبايعوه طلبًا بثأر عثمان اسم> فقالوا له: مَكِّنَا من قتلة عثمان اسم> حتى نبايعك، فتوقفوا عن مبايعته لتلك الشبهة، وإلا فهم معترفون بفضله وأنه الأولى بالخلافة.
هذا ترتيب الخلفاء الراشدين الأربعة، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ متن_ح> رسم> فوصفهم بأنهـم خلفاء، وبأنهم راشدون، وبأنهم مهديون فكان ذلك شهادة بخلافتهم.
ثم بقيت مسألة الأفضلية أيهم أفضل؟ الصحيح أن ترتيبهم في الخلافة وفي الفضل سواء؛ فنقول : أفضلهم أبو بكر اسم> ويليه في الفضل عمر اسم> ويليه عثمان اسم> ويليه في الفضل علي اسم>
ولكن التفضيل بين عثمان اسم> وعلي اسم> رأس> مسألة مُختلف فيها؛ وذلك لأن بعضًا من أهل السنة جعلوا عليا اسم> مقدما في الفضل على عثمان اسم> وبعضهم عكس وقال الفضل لعثمان اسم> ثم لعلي اسم> وكلاهما متقاربان.
فمن فضائل عثمان اسم> أنه من المهاجرين الأولين، هاجر إلى الحبشة اسم>
ومن فضائله: أنه قريب من النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع معه في الجد الرابع عبد مناف اسم>
ومن فضائله: أنه تزوج بنتين من بنات النبي صلى الله عليه وسلم: تزوج رقية اسم> ثم تزوج بأم كلثوم اسم> وقالوا: لم يكن هناك أحد في الدنيا تزوج بنتي نبي إلا عثمان اسم> ولما ماتت الثانية قال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> لو كانت لي بنت ثالثة لزوجتها عثمان رسم> .
ومن فضائله أيضا: أنه جهَّز جيش العسرة على نفقته الخاصة، وأنه اشترى بئر رومة اسم> من اليهود وجعله سبيلا للمسلمين، وفضائله غير ذلك كثيرة، فلا ينكر إذن على من جعله أفضل من علي اسم> ولا يُضَلَّل مَن ذهب إلى تفضيل عثمان اسم> على علي اسم> أو العكس، فليست هذه من المسائل التي يُضَلَّل فيها .
الحاصل أنه استقر أهل السنة على تفضيل أبي بكر اسم> ثم عمر اسم> وبعضهم ثَلَّثَ بعلي اسم> وبعضهم ثَلَّثَ بعثمان اسم> ولم يكفروا ولم يضللوا من ثلَّث بعلي اسم> أو مَن ثلَّث بعثمان اسم> ؛ وذلك لأنها من المسائل الاجتهادية، ولكن الصحيح أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة.
وأما الخلافة فلا شك أن الخلفاء على هذا الترتيب، ومن زعم أن أبا بكر اسم> مغتصب للخلافة فإنه ضال مضل؛ كالرافضة الذين يفضلون عليا اسم> فإنهم يطعنون في أبي بكر اسم> وفي عمر اسم> وفي عثمان اسم> ويطعنون في خلافتهم، ويزعمون أنهم مغتصبون للخلافة، وأن الولاية كانت لعلي اسم> وأنه هو الإمام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على ذلك قبل موته، ولكن هؤلاء ظلموه في الخلافة وقهروه، وأخذوا ما ليس يستحقونه، فمن طعن في خلافة أحد من الخلفاء الأربعة على ترتيبهم فهو أضل من حمار أهله أي أنه ضال مخطئ خطأ بينا.
فالخلفاء رضي الله عنهم كل منهم اجتمعت عليه الكلمة، وبايعه أهل الإسلام، ونصر الله بهم الإسلام نصرًا عزيزًا.
ففي خلافة أبي بكر اسم> ارتد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من حولهم من الأعراب، ولم يبق إلا أهل مكة اسم> وأهل المدينة اسم> الذين تمسكوا بالإسلام، أما من حولهم فكلهم نصبوا العداوة للمسلمين، ولكن أيد الله أبا بكر اسم> وقوَّاه، فتصدى لهم حتى قهرهم جميعا في أقل من نصف سنة ، فرجع المرتدون إلى حظيرة الإسلام ، وقتل منهم من قتل على الكفر ، وذلك أن الله ثبَّته ثباتًا عظيمًا ، ثم في السنة الثانية قاتلوا كل مَن بقي من أهل الردة ، وغزوا أطراف البلاد النائية واستقر الأمر .
وفي خلافة عمر اسم> رضي الله عنه : انتشر الإسلام وفتح الشام اسم> بأكمله وفتحت مصر اسم> وفتح العراق اسم> ووصلت الفتوحات إلى خراسان اسم> إلى إيران اسم> وما حولها ، وامتدت رقعة الإسلام في خلافة عثمان اسم> أيضًا حيث توسعوا في الفتوحات، ففتحوا الكثير من بلاد إفريقية اسم> والكثير من بلاد الهند اسم> والسند اسم>
وهكذا توسعت الخلافة، وتوسعت الفتوحات الإسلامية؛ وذلك بسبب أن الله تعالى ثبَّت وقوَّى هؤلاء الخلفاء، ونصرهم على أعدائهم، حيث إنهم صدقوا الله فصدقهم الله .
وعلى كل حال فخلافتهم هي الخلافة الحق، والطعن فيهم طعن في دين الله وشرعه ، وطعن في رسوله وأنه لم يبلغ البلاغ المبين، وطعن كذلك في أفاضل المسلمين وخيارهم .
مسألة>